في توجيه نبوي بالغ الحزم، أنكر رسول الله ﷺ على من يرفع بصره إلى السماء أثناء الصلاة، خصوصًا بعد القيام من الركوع، لما في ذلك من إخلال بخشوع القلب والبصر، وانشغال عن موضع السجود الذي يُعد مركز التركيز الروحي للمصلي. فقد ورد في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
“ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟” ثم اشتد قوله حتى قال: “لينتهنّ عن ذلك أو لتُخطفنّ أبصارهم.”
هذا التحذير الشديد يُبرز خطورة هذا الفعل، حتى بلغ الأمر التهديد بفقدان البصر، وهو ما يدل على أن رفع النظر في الصلاة ليس مجرد مخالفة شكلية، بل انتهاك لروح العبادة.
أين يجب أن ينظر المصلي؟
أجمع جمهور العلماء على أن الأفضل للمصلي أن يُثبت نظره إلى موضع سجوده، لما في ذلك من تعظيم لله وخشوع في الصلاة. وقد قال الإمام أحمد رحمه الله:
“الخشوع في الصلاة أن يجعل نظره إلى موضع سجوده.”
وتفصيلًا:
- في الركوع: يُستحب النظر إلى القدمين.
- في السجود: إلى أرنبة الأنف.
- في التشهد: إلى حجره أو موضع اليد.
هذه التوجيهات ليست مجرد آداب، بل وسائل عملية لتركيز القلب والبصر في الصلاة، بعيدًا عن الشرود والانشغال.
الطريقة الصحيحة للركوع
الركوع ركن عظيم من أركان الصلاة، وله هيئة مخصوصة ينبغي الالتزام بها:
- استقامة الظهر بحيث لو وُضع عليه إناء ماء لم ينسكب.
- وضع اليدين على الركبتين مع تفريج الأصابع.
- تسوية الرأس مع الظهر دون رفع أو خفض.
- الطمأنينة بقول: “سبحان ربي العظيم” ثلاثًا على الأقل.
- مباعدة المرفقين عن الجنبين قدر المستطاع.
وقد وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها ركوع النبي ﷺ فقالت:
“وكان إذا ركع لم يُشخص رأسه ولم يُصوّبه، ولكن بين ذلك.”
أخطاء شائعة يجب الحذر منها
من الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين أثناء الركوع:
- تقويس الظهر أو انحناؤه بشكل غير متوازن.
- رفع الرأس أو خفضه بشكل مبالغ فيه.
- عدم تمكين اليدين من الركبتين.
- رفع البصر إلى الأعلى، وهو منهي عنه بشدة كما ورد في الحديث الشريف.
الصلاة بوابة الخشوع والرضا
إن هذه التوجيهات النبوية ليست مجرد تعليمات ظاهرية، بل هي دعوة صريحة للخشوع الحقيقي، واستحضار عظمة الوقوف بين يدي الله عز وجل. فالصلاة ليست حركات جسدية فحسب، بل هي لقاء روحي، ومناجاة قلبية، ومفتاح للقرب من الله.
فلنحرص على أداء الصلاة كما صلاها النبي ﷺ، فهي سبيل الطمأنينة، ومفتاح الرضا، وبوابة النور في حياة المسلم.