حين يتسلل نسيم الفجر ليغازل الأرواح المتوضئة، وتنساب أنوار الصباح في حضرة المصلّين، تتهامس القلوب بالدعاء والتسليم، إذ يغدو الفجر موعدًا مقدسًا تتجدد فيه العهود مع الرحمن. ففي هذا الوقت النقي، لا يكون الدعاء مجرد كلمات، بل نداءات قلبية تُحلّق بثقة نحو السماء.
الذكر بعد الصلاة.. وصايا النبوة ومواطن الاستجابة
أجمع أهل العلم على فضيلة الذكر بعد الفراغ من الصلوات المفروضة، واستدلوا بأحاديث صحيحة ترسّخ مكانته. فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله ﷺ: “أيُّ الدعاء أسمع؟” قال: “جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات”. كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: “كنت أعرف انقضاء صلاة النبي ﷺ بالتكبير”، في إشارة إلى استحضار الذكر في ختام الصلاة، بوابة للسكينة والقرب.
الفجر… ساعة صفاء ومداد رجاء
يرفع فيها العبد كفّيه مع طلوع النور، يتوسل إلى الله بالمغفرة والعافية والرزق، فيخشع القلب وتلين الجوارح، ويترنم اللسان بأعذب الأدعية. وفي هذا المشهد الربّاني، تتنوع الدعوات وتخترق حجب السماء:
- اللهم في هذا الفجر المبارك، اجعل بداية يومنا سكينةً ونهاية سعينا رضا، وافتح لنا أبوابك التي لا تغلق.
- يا واسع العطاء، أنزل علينا بركات من حيث لا نحتسب، واغمر أيامنا بلطفك الذي لا يُرد، ورزقك الذي لا يُنفد.
- اللهم أكرمنا بدعاء مستجاب، وقلوب مطمئنة، وجسدٍ معافى، ونياتٍ خالصة لك، لا يشوبها رياءٌ ولا ضعفٌ.
- يا من قسمت الأرزاق قبل بزوغ الشمس، ارزقنا نصيبًا طيبًا في هذا الفجر، وافتح لنا الأبواب الموصدة، واملأ صدورنا أملًا ويقينًا.
- اللهم اجعل هذا الفجر بداية فرجٍ لكل مهموم، وشفاءً لكل مريض، ورحمةً لكل من فارقنا، وارزقنا حبًا فيك لا يخفت ونورًا لا ينطفئ.