الرئيسيةتقارير وحواراتحكاية حب أشرقت من أجلها الشمس رمسيس الثاني ونفرتاري
تقارير وحوارات

حكاية حب أشرقت من أجلها الشمس رمسيس الثاني ونفرتاري

حكاية حب أشرقت من أجلها الشمس رمسيس الثاني ونفرتاري

في أعماق التاريخ المصري القديم، تتجلى قصص الحب والولاء التي صنعت مجد الحضارة المصرية، ومن بين هذه القصص الملهمة، تبرز حكاية الملك رمسيس الثاني وزوجته الملكة نفرتاري، تلك المرأة التي خلدها زوجها بواحدة من أعظم الهدايا التي عرفتها البشرية.

أكد الدكتور محمد علي حسن، الباحث الأثري وعضو مؤسسة زاهي حواس لتراث الآثار، في تصريحاته الخاصة لـ “بوابة أخبار اليوم”، أن قصة الحب الملكي الذي أضاء صفحات التاريخ، حيث وصف رمسيس الثاني نفرتاري بأنها “التي تشرق الشمس من أجلها”، وقدم لها معبدًا صغيرًا في أبو سمبل، ليكون رمزًا خالدًا لحبه وإخلاصه.

رمسيس الثاني، أحد أعظم ملوك مصر الفرعونية، حكم البلاد لأكثر من 66 عامًا خلال الأسرة التاسعة عشرة. تميزت فترة حكمه بالاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، فضلاً عن الإنجازات المعمارية التي لا تزال شاهدة على عظمته، ولكنه لم يكن فقط قائداً عظيماً، بل كان أيضاً زوجاً محباً ورجلاً مقدراً لدور شريكة حياته.

  نفرتاري: الملكة التي أشرقت لها الشمس

الملكة نفرتاري، الزوجة الملكية العظمى، كانت شخصية استثنائية في حياة رمسيس الثاني. يعني اسمها “الجميلة التي تأتي”، وقد كانت تجسد الجمال والذكاء والحكمة، لعبت نفرتاري دورًا كبيرًا في حياة رمسيس الثاني، حيث كانت ليست فقط شريكته في الحياة بل أيضاً شريكته في إدارة شؤون البلاد.

معبدا أبو سمبل: رمز الحب والولاء

في أقصى جنوب مصر، يقع معبد أبو سمبل الذي يُعد واحدًا من أبرز معالم الحضارة المصرية القديمة، في هذا الموقع، بنى رمسيس الثاني معبدين: الكبير لنفسه، والصغير لزوجته نفرتاري، وهذه المعابد منحوته فى الصخر على حدود وتعد اعجاز هندسى كبير.

وأضاف الباحث الأثري، أن معبد ابو سمبل الصغير كان مخصص لعبادة الآلهة حتحور ورمسيس الثانى نفسه وتتميز واجهه المعبد بوجود 6 تماثيل 4 منها لرمسيس الثانى واثنين لزوجته نفرتارى ثم صالة يلى المدخل صاله أعمدة تحتوى على نقش يصور قصه حب الملك للملكة. 

النقش الموجود على أعمدة المعبد الصغير يقول، من أجل الزوجة الملكية العظمى نفرتاري مريموت، التي تشرق الشمس من أجلها. 

وهذا النص يعكس مدى تقدير رمسيس الثاني لنفرتاري ودورها في حياته، حيث أظهر لها حبًا لا يُقارن.

الرمزية المعمارية لمعبد نفرتاري

المعبد الصغير في أبو سمبل مخصص للإلهة حتحور، التي كانت تُعتبر إلهة الحب والجمال. وبهذا التصميم، جمع رمسيس الثاني بين الحب الإلهي والحب البشري في مكان واحد.

يظهر تمثال نفرتاري بجانب تمثال رمسيس الثاني على واجهة المعبد، في إشارة إلى المساواة في المكانة والأهمية، وهو أمر نادر في الفن المصري القديم.

«الشمس التي تشرق»: حب يتحدى الزمن

عبارة “التي تشرق الشمس من أجلها” تحمل دلالات عميقة، حيث تعبر عن قيمة نفرتاري في حياة رمسيس الثاني. الشمس، رمز الحياة والنور، ترتبط بالملكة نفرتاري، مما يجعلها مركز الكون في عيون رمسيس.

حتى اليوم، يشهد معبد أبو سمبل احتفالات سنوية مذهلة تتمثل في ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني داخل المعبد الكبير، ورغم أن هذه الظاهرة ترتبط بمعبد رمسيس، إلا أن معبد نفرتاري يظل شاهدًا على قصة حب خالدة.

 أثر القصة على الفن والثقافة

قصة الحب بين رمسيس الثاني ونفرتاري ألهمت العديد من الفنانين والمؤرخين على مر العصور. انعكست هذه القصة في الأعمال الفنية والأدبية التي حاولت إحياء هذا الحب العظيم.

كانت قصة رمسيس الثاني ونفرتاري مثالاً يُحتذى به في الحب والوفاء. لم يكن هذا الحب مجرد شعور عابر، بل كان أساسًا لبناء العلاقات الإنسانية داخل الأسرة الملكية.

تظل قصة “التي تشرق الشمس من أجلها” شاهدة على عظمة الحب الذي وحد بين  رمسيس الثاني، ومع مرور آلاف السنين، يظل معبد أبو سمبل رمزًا خالدًا لهذه العلاقة الاستثنائية التي أثرت في وجدان الحضارة المصرية، وفي كل زيارة لهذا الموقع المهيب، يتجدد الإعجاب بهذه القصة التي تذكرنا بأن الحب الحقيقي هو ما يبقى عبر الزمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *