لم تحظ عظمة صغيرة تسمى “العظم اللامي”، أو كما يفضل البعض تسميتها “عظمة اللسان”، باهتمام كبير في الدراسات الجنائية السابقة، إلا أن هذا التجاهل يبدو أنه سيزول قريبا، بعد أن كشفت دراسة جديدة لأول مرة أن هذه العظمة، رغم صغر حجمها، تستحق مكانة مميزة في الطب الشرعي، فقد أثبتت أنها تحمل علامات مميزة تساعد في التمييز بين الجنسين.
تعتمد هذه الدراسة، التي أجراها فريق بحثي مصري بقيادة الدكتورة عفاف عبد القادر من قسم الطب الشرعي والسموم السريرية بكلية الطب جامعة بنها، ونشرت في دورية “ساينتفيك ريبورتس”، على ملاحظات سابقة تفيد بأن العظام، مثل الجمجمة والحوض، تُعد أدوات بارزة لتحديد الجنس، لكن الباحثين لاحظوا أن العظم اللامي لم يحظ بالقدر نفسه من الاهتمام رغم خصائصه الفريدة التي قد تجعله مرشحا جيدا لهذا الغرض.
ورغم أن علماء الأنثروبولوجيا يعتبرون الحوض الأكثر كفاءة وموثوقية في تحديد الجنس، يليه الجمجمة، فإن الخبير في طب الأسنان الشرعي بجامعة دندي بأسكتلندا الدكتور رواد قاق، الذي لم يشارك في الدراسة، يرى في تصريحات للجزيرة نت أنها تفتح الباب لمزيد من الأبحاث حول دور العظم اللامي في تقدير الجنس، بالإضافة إلى استكشاف عظام أخرى قد تكون مفيدة.
ما هو العظم اللامي؟
العظم اللامي هو عظمة صغيرة تقع في مقدمة العنق على مستوى الفقرة العنقية الثالثة، وهي لا تتصل بأي عظام أخرى بشكل مباشر، بل تكون معلقة بواسطة العضلات والأنسجة، ولها شكل يشبه حرف (U)
وتلعب هذه العظمة دورا مهما في عمليات البلع والتحدث، إذ تمثل نقطة اتصال رئيسية للعديد من العضلات المؤثرة على اللسان، لذلك يسميها البعض بـ”عظمة اللسان”.
ولإجراء هذه الدراسة، استخدم الباحثون صورا ثلاثية الأبعاد لعظام اللامي مأخوذة بواسطة التصوير المقطعي متعدد الطبقات من 300 مصري (150 ذكرا و150 أنثى) تتراوح أعمارهم بين 18 و85 عاما، كما تم أخذ صور إضافية من 60 شخصا آخرين للتحقق من صحة النماذج المستخدمة في التحليل، وقد تم قياس 10 متغيرات لهذه العظمة، من بينها الطول والعرض والمسافة بين أجزاء العظمة المختلفة.