يتداول كثير من الناس اعتقادًا قديمًا بأن بعض الحيوانات، مثل القطط أو الأفاعي، قد تُصيب الإنسان بالعين أو الحسد، خاصة عند النظر للطعام أو في لحظات معينة. فهل لهذا الاعتقاد أصل شرعي أو علمي؟ وهل يمكن أن تؤثر نظرة الحيوان فعلًا على الإنسان؟
العين حق… ولكن من يصيب بها؟
ثبت في السنة النبوية أن العين حق، وقد تصيب الإنسان وتؤذيه، كما في حديث النبي ﷺ:
“العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين” (رواه مسلم).
وقد ثبت أن الإنسان والجن يمكن أن يصيبوا بالعين، كما ورد في قصة سهل بن حنيف الذي أصيب بعين أخيه عامر بن ربيعة، وأمر النبي ﷺ بالاغتسال له.
هل الحيوان يعين؟
أما عن الحيوانات، فالرأي الشرعي لا يثبت بشكل قاطع أن الحيوان يصيب الإنسان بالعين كما يفعل الإنسان أو الجن، ولكن لا يُستبعد ذلك تمامًا، خاصة مع ما ورد عن بعض أنواع الأفاعي التي يُعتقد أنها تؤثر بالنظر، وقد تسبب إسقاط الجنين أو طمس البصر، كما ورد في حديث النبي ﷺ عن الحيات:
“اقتُلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يلتَمِسان البصر ويُسقِطَان الحَبالى” (رواه مسلم)
ويُرجّح أن هذا التأثير ناتج عن السمّية وليس عن العين بمعناها الروحي أو النفسي.
القطط والكلاب… بين الجوع والنظر
ورد عن ابن عباس أن الكلاب من الجن، وأنه إذا غشيتكم عند الطعام فألقوا لها شيئًا، فإن لها “أنفسًا”، أي أعينًا قد تصيب. كما يُلاحظ البعض أن القطط الجائعة قد تُسبب شعورًا بالضيق أو الاحتراق عند النظر للطعام، وهو ما فسّره بعض القدماء بأنه نوع من التأثير العيني.
لكن هذه الأقوال تبقى موروثات شعبية، ولم يثبت دليل شرعي صريح على أن الحيوان يُصيب الإنسان بالعين كما يفعل البشر أو الجن.
ما الذي يُنصح به؟
- يُستحب إخفاء الطعام عن الحيوانات الجائعة أو إعطاؤها شيئًا منه، وهو من الإحسان المأمور به شرعًا.
- يُستحب الاستعاذة بالله من كل عين لامة، كما كان يفعل النبي ﷺ، دون تخصيص أو استثناء.
- لا يُبنى حكم شرعي على تجارب الرقاة أو الملاحظات الشخصية، بل على النصوص الثابتة.
خلاصة القول:
لا يوجد دليل شرعي قاطع يُثبت أن الحيوان يُصيب الإنسان بالعين، لكن لا يُستبعد ذلك في بعض الحالات، خاصة مع الحيوانات التي تُظهر شراهة أو طمعًا شديدًا. ومع ذلك، يبقى الحذر والإحسان في التعامل معها هو الأفضل، دون الوقوع في التهويل أو الخرافة.