هل تشعر بالعزلة وتُفضل قضاء وقتك منفردًا؟ قد تكون هذه علامة على تفاقم وباء “الشعور بالوحدة”، وهي ظاهرة لها عواقب صحية خطيرة على الأفراد والمجتمع. فالبشر كائنات اجتماعية بطبعها، ورفاهيتهم تعتمد على الشعور بالانتماء
ترى الصحافية جوليا هوتز، الاختصاصية بالحلول، أن الحل لا يكمن فقط في الأدوية، بل في “الوصفة الاجتماعية”: نهج يعتمد على الأنشطة المجتمعية لتعزيز الصحة والرفاهية.
“الوصفة الاجتماعية”: أكثر من مجرد دواء
في كتابها “علاج الارتباط” (The Connection Cure)، توضح هوتز أن “الوصفات الاجتماعية” هي إحالات من مقدمي الرعاية الصحية إلى أنشطة وموارد مجتمعية. الهدف هو الاعتراف بالدور الكبير الذي تلعبه بيئتنا وعلاقاتنا ومجتمعنا في تحديد صحتنا.
عادةً ما تشمل هذه الوصفات أنشطة مثل:
- الحركة (الرياضة)
- الفن
- الطبيعة
- الخدمة المجتمعية
- عناصر الانتماء الاجتماعي
تؤكد هوتز أن عواملنا الاجتماعية تحدد حوالي 80% من حالتنا الصحية، لذا، فإن استخدام هذه العوامل كوسيلة علاجية أمر منطقي تمامًا. هذا النهج لا يهدف إلى استبدال الطب التقليدي، بل إلى تعزيزه بتدخلات اجتماعية مدعومة بالأدلة.
العلم يؤكد فعالية الوصفات الاجتماعية
تؤكد الأبحاث العلمية فعالية “الوصفات الاجتماعية” في تخفيف أعراض مجموعة واسعة من الحالات الصحية، بما في ذلك:
- اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)
- الألم المزمن
- الخرف
- الشعور بالوحدة
على سبيل المثال، تساعد التمارين الرياضية في علاج اضطرابات الاكتئاب، الضغط النفسي، القلق، ومرض السكري من النوع الثاني. فالتواصل الإنساني والمشاركة المجتمعية لها أثر عميق على حياتنا وصحتنا لا يمكن إغفاله بالتركيز فقط على العلاجات التقليدية.
الوحدة: خطر صحي يُمكن تجنبه
تُشدد هوتز على أن الوحدة لها تأثير عميق على الصحة الجسدية والنفسية. فالشعور بالوحدة يزيد من خطر:
- الموت المبكر
- المعاناة من القلق أو الاكتئاب أو الإصابة بالخرف
- الذهاب إلى غرفة الطوارئ
وتشبه هوتز عواقب الوحدة بـ “تدخين 15 سيجارة في اليوم”. “الوصفات الاجتماعية” تعمل على ربط الأفراد بأنشطة تتناغم مع اهتماماتهم وقيمهم الشخصية، مما يخلق ارتباطًا ذا مغزى يُقلل من مشاعر العزلة ويُعيد ربطهم بما هو مهم لحياتهم وصحتهم.
أعمدة الوصفة الاجتماعية: متطلبات للحياة
تُطلق هوتز على العناصر الخمسة للوصفة الاجتماعية (الحركة، الطبيعة، الفن، الخدمة، والانتماء) “أعمدة الوصفة الاجتماعية”، وتعتبرها متطلبات أساسية لحياتنا.
- الحركة: تُفرز السيروتونين والإندورفين وتحسن وظائف الدماغ.
- الطبيعة: تُعيد الانتباه والتركيز، ولها آثار مشابهة لأدوية معينة.
- الفن: يُقلل من القلق وأعراض الصدمات النفسية.
- الخدمة والانتماء: هما الأهم، لأن البشر تطوروا ليعيشوا كجزء من مجموعة، والشعور بالانتماء مهم مثل الطعام والماء.
في عالم يزداد فيه التوتر والاعتماد على التواصل الرقمي، والذي قد يتركنا منهكين ونميل إلى العزلة، تُقدم “الوصفة الاجتماعية” حلاً عمليًا وفعالًا لتعزيز الصحة والرفاهية، من خلال إعادة الاتصال الحقيقي والعميق بالمجتمع.