في مشهد يعكس طموح المملكة العربية السعودية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي، بدأت قصة الزعفران السعودي تتبلور كأحد أبرز مشاريع التحول الزراعي في البلاد.
فبعد سنوات من الاعتماد على الاستيراد، تتجه المملكة بخطى واثقة نحو إنتاج “الذهب الأحمر” محليًا، مستفيدة من تنوعها المناخي ومواردها البحثية.
من الاستيراد إلى التوطين
لطالما كانت السعودية من أكبر مستوردي الزعفران في المنطقة، حيث بلغت وارداتها في عام 2020 نحو 125 طنًا، أي ما يعادل ثلث الإنتاج العالمي تقريبًا.
لكن هذا الواقع بدأ يتغير مع إطلاق مشروع وطني طموح لتوطين زراعة الزعفران في أربع مناطق رئيسية: الرياض، القصيم، تبوك، والباحة.
الزعفران.. كنز زراعي واقتصادي
يُعد الزعفران من أغلى التوابل في العالم، ويُطلق عليه لقب “الذهب الأحمر” نظرًا لقيمته العالية واستخداماته المتعددة في الطبخ والطب التقليدي وحتى مستحضرات التجميل. وتكمن صعوبة إنتاجه في كونه يُستخرج يدويًا من زهرة صغيرة بنفسجية، حيث يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من الزعفران أكثر من 150 ألف زهرة.
مشروع استراتيجي برؤية علمية
يقود المركز الوطني لأبحاث وتطوير الزراعة المستدامة هذا التحول، من خلال دراسات تطبيقية تشمل تحديد أفضل مواعيد الزراعة، واختيار الأسمدة المناسبة، وتحليل تأثير ملوحة التربة والمياه، وحتى اختبار الزراعة المائية والعمودية.
ويهدف المشروع إلى مضاعفة الإنتاج المحلي، ودمج الزعفران ضمن منظومة الزراعة المستدامة في المملكة.
فرص واعدة للمزارعين والمستثمرين
لا يقتصر المشروع على الجانب الزراعي فقط، بل يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة للمزارعين المحليين والمستثمرين في القطاع الزراعي، خاصة مع ارتفاع الطلب العالمي على الزعفران. كما يُسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز مكانة السعودية كمصدر محتمل لهذا المنتج الفاخر في المستقبل.
خاتمة
قصة الزعفران السعودي ليست مجرد تجربة زراعية، بل نموذج حي لرؤية المملكة 2030 في تنويع الاقتصاد، واستثمار الموارد المحلية، وتحويل التحديات إلى فرص. وبينما تتفتح أزهار الزعفران في تربة المملكة، تتفتح معها آمال جديدة لمستقبل زراعي أكثر إشراقًا.