الرئيسيةشؤون دوليةالسعودية: رسالة قوية إلى إسرائيل والعالم
شؤون دولية

السعودية: رسالة قوية إلى إسرائيل والعالم

السعودية: رسالة قوية إلى إسرائيل والعالم

تُعد المملكة العربية السعودية اليوم قوة إقليمية محورية، لا تستمد نفوذها من ثروتها النفطية واقتصادها الضخم فحسب، بل من مكانتها السياسية والدينية بصفتها مهد الإسلام وراعية الحرمين الشريفين.

تلعب الرياض دورًا متزايدًا على الساحتين الإقليمية والدولية، ساعية لتعزيز نفوذها عبر مبادرات دبلوماسية وتحالفات استراتيجية مع قوى عالمية كبرى كـ الولايات المتحدة، الصين، روسيا، والدول الأوروبية.

كما تتولى قيادة هامة ضمن مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي.

شهدت السياسة الخارجية للمملكة في السنوات الأخيرة انفتاحًا وواقعية، مع الحفاظ على طموحاتها الإقليمية.

تجلى ذلك في وساطاتها بأزمات مثل اليمن وأوكرانيا، ودعمها المستمر للقضية الفلسطينية التي تعتبرها الرياض قضية العرب المركزية.

اقتصاد متنامٍ ورؤية مستقبلية

اقتصاديًا، تتصدر السعودية قائمة أكبر الاقتصادات في العالم العربي، حيث تجاوز ناتجها المحلي الإجمالي 1.1 تريليون دولار في عام 2024، وتتبوأ المرتبة 17 عالميًا ضمن مجموعة العشرين (G20).

من خلال “رؤية السعودية 2030” التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تعمل المملكة على تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط. يشمل ذلك:

  • تطوير قطاعات حيوية كالسياحة، الترفيه، الرياضة، والتقنية.
  • إطلاق مشاريع عملاقة مثل “نيوم” و”القدية” و”البحر الأحمر”.
  • استقطاب الاستثمارات العالمية وتعزيز ريادة الأعمال.

كل ذلك مدعوم بموقع السعودية الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط ثلاث قارات، وعدد سكان يتجاوز 36 مليون نسمة.

القضية الفلسطينية: موقف لا يتزعزع رغم التحولات

على الرغم من التحولات المتسارعة في المنطقة وتوسع دائرة التطبيع العربي مع إسرائيل، تظل السعودية تؤكد أن القضية الفلسطينية في صدارة الأولويات العربية.

وقد شددت الرياض على هذا الموقف في قمة جدة 2023، مؤكدة أن أي سلام مع إسرائيل يجب أن يقوم على أساس إنهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في مناسبات عديدة أنه لا سلام شامل دون حل عادل للقضية الفلسطينية، متمسكًا بـ مبادرة السلام العربية كإطار مرجعي.

ورغم المحاولات الأمريكية والإسرائيلية المتواصلة لتطبيع العلاقات مع السعودية بعروض “سخية”، تمسكت الرياض بموقفها الثابت: لا تطبيع دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

تلتزم المملكة بمبادرة السلام العربية التي أطلقت عام 2002، والتي تشترط إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية مستقلة مقابل تطبيع العلاقات.

في الوقت الذي اختارت فيه بعض الدول العربية التطبيع “المجاني”، أكدت الرياض أن السلام لا يُفرض بالقوة، بل يجب أن يُبنى على أسس العدالة والكرامة وحقوق الشعوب.

هذا الموقف منح السعودية مكانة معنوية وسياسية متميزة في العالمين العربي والإسلامي، ورسخ دورها كضامن للثوابت القومية.

منع زيارة الوفد العربي لرام الله: تحدٍ يستدعي الرد

في خطوة رمزية وسياسية، كان من المقرر أن يزور وفد وزاري عربي رفيع، برئاسة السعودية، مدينة رام الله اليوم لدعم القيادة والشعب الفلسطيني.

إلا أن إسرائيل منعت الوفد من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما أدى إلى إلغاء الزيارة في لحظة حرجة من التوترات.

يُنظر إلى هذا المنع كتحدٍ مباشر للتحرك العربي الجماعي، ورسالة إسرائيلية مقلقة تفيد بعدم احترامها لمبادرات السلام. يرى مراقبون أن الرد السعودي لن يكون صامتًا، خاصة في ظل رئاسة المملكة للقمة العربية ودورها القيادي. قد يُترجم هذا الرد من خلال:

  • تصعيد دبلوماسي في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي.
  • دفع عربي جديد لإعادة وضع القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام الدولي.
  • تشديد المواقف من أي تطبيع لا يحقق مكاسب سياسية للفلسطينيين.

تتحمل السعودية مسؤولية تاريخية بصفتها صاحبة مبادرة السلام العربية وقوة إقليمية تسعى إلى ترسيخ التوازن والاستقرار.

رغم التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة داخل المملكة، تبقى القضية الفلسطينية جزءًا أصيلًا من وجدانها السياسي والديني، ورسالة دائمة في خطابها بالمحافل الدولية.

إن منع الوفد من دخول رام الله لا يضعف الرسالة العربية، بل يعززها، ويكشف الحاجة الماسة إلى موقف عربي موحد وحازم في مواجهة محاولات فرض واقع سياسي أحادي على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.