مع تصاعد التوترات الإقليمية، برزت من جديد القاذفة الشبحية الأمريكية B-2 Spirit، إحدى أكثر الأسلحة تطورًا وغموضًا في الترسانة الأمريكية، مع دورها في الهجوم على منشآت نووية إيرانية. هذه الطائرة، التي لا يمتلكها سوى الجيش الأمريكي، لم تُصنع إلا لتكون حاسمة في اللحظات الحرجة.
من الحرب الباردة إلى ساحات المعارك الحديثة
في منتصف سبعينيات القرن الماضي، بدأت شركة نورثروب غرومان في تطوير طائرة ثورية قادرة على حمل صواريخ نووية والتخفي عن أنظمة الرادار السوفيتية. وبعد انتهاء الحرب الباردة، أعيد توجيه مهمتها لتصبح الناقلة الرسمية لـ”أم القنابل”، إحدى أقوى القنابل غير النووية في العالم. ورغم الخطة الأصلية لإنتاج 135 طائرة، تم الاكتفاء بـ21 فقط، بتكلفة تجاوزت 2.1 مليار دولار للطائرة الواحدة.
معجزة تكنولوجية… من الهيكل حتى البرمجيات
إنتاج B-2 كان مشروعًا فريدًا استدعى تطوير تقنيات خاصة من الصفر، شملت أدوات تصنيع جديدة، ونظام برمجيات متقدم، ومواد مركبة لامتصاص الموجات الرادارية. يبلغ عرض جناحي الطائرة أكثر من 52 مترًا، وتعمل بأربعة محركات توربينية نفاثة، مما يمكنها من التحليق لمسافات بعيدة وبارتفاع يزيد عن 50,000 قدم.
لماذا هي السلاح الأول عند اندلاع الحروب؟
في كل عملية عسكرية كبرى خاضتها الولايات المتحدة، كانت B-2 على رأس القوات المتقدمة: من كوسوفو إلى أفغانستان والعراق وليبيا. ما يميز هذه القاذفة هو جمعها بين التخفي، والقدرة على حمل حمولات ضخمة، مع مدى طويل يمنحها القدرة على ضرب أي هدف في العالم من دون الحاجة إلى قواعد خارجية.
أول اختبار ناري وأطول مهمة جوية في التاريخ
خلال حرب كوسوفو، حلّقت طائرتا B-2 مباشرة من ميسوري إلى البلقان، وأكملتا المهمة في أكثر من 31 ساعة متواصلة، مسجلتين أداءً مذهلاً رغم مشاركتهما في أقل من 1% من الطلعات، إذ دمّرتا 33% من الأهداف. أما في عام 2001، فقد حققت طائرات B-2 رقمًا قياسيًا في أطول مهمة قتال جوي في التاريخ، استغرقت أكثر من 70 ساعة، مع توقف سريع لتبديل الطاقم فقط.
من أرض المعركة إلى شاشة السينما
لم تقتصر شهرة B-2 على ساحات القتال، بل أصبحت رمزًا أيقونيًا في السينما، حيث ظهرت في أفلام الخيال العلمي والأكشن مثل يوم الاستقلال والرجل الحديدي وكابتن مارفل، ما رسّخ صورتها كرمز للقوة التكنولوجية الأمريكية.