في اكتشاف طبي واعد، أظهرت دراسة حديثة أن ممارسة بعض التمارين الهادئة مثل “تاي تشي” واليوغا والمشي السريع قد تقدم حلولاً أكثر فاعلية من الأدوية لعلاج الأرق لدى البالغين، مع تأثيرات إيجابية تستمر حتى عامين.
ووفقًا لفريق بحثي من جامعة بكين للطب الصيني، فإن هذه الأنشطة قد تشكل بديلاً آمنًا وفعّالًا للعقاقير المنوّمة التي يُحتمل أن تسبّب آثارًا جانبية أو تؤدي إلى الإدمان عند استخدامها لفترات طويلة. وقد نُشرت نتائج الدراسة مؤخرًا في مجلة BMJ Evidence-Based Medicine.
الأرق ليس مجرد تعب مؤقت
الأرق يُعدّ من اضطرابات النوم الأكثر شيوعًا، ويتمثّل في صعوبة النوم أو الاستمرار فيه، أو الاستيقاظ المبكر دون القدرة على العودة للنوم، مما يؤثر في جودة الحياة ويزيد من مستويات التوتر والقلق.
مقارنة علمية دقيقة بين 16 وسيلة علاجية
قام الباحثون بتحليل بيانات من 57 تجربة سريرية عشوائية شملت أكثر من 4 آلاف مشارك. وقارنوا بين 16 تدخّلًا غير دوائي، منها التمارين البدنية والعلاج السلوكي المعرفي، للبحث عن الأسلوب الأكثر فاعلية في تحسين نوعية النوم.
وجاءت النتائج واضحة: تمارين “تاي تشي” تصدّرت القائمة، متفوقة على الأدوية في تخفيف أعراض الأرق وزيادة مدة النوم وجودته. كذلك أثبتت اليوغا فعاليتها الكبيرة، إذ ساعدت في تقليل الاستيقاظ الليلي وزادت من كفاءة النوم بنحو 15%.
نتائج تدوم… ونوم أعمق
المشاركون الذين مارسوا “تاي تشي” أظهروا تحسنًا لافتًا؛ إذ احتاجوا وقتًا أقل للنوم، وزادت مدة نومهم بحوالي 50 دقيقة، وشعروا براحة أكبر في اليوم التالي. والأهم أن هذه التحسينات استمرت حتى بعد مرور عامين.
أما من اختاروا اليوغا، فقد تمكنوا من تمديد ساعات نومهم بمعدل ساعتين، وتقليص الاستيقاظ الليلي لمدة ساعة تقريبًا، وسرّعوا الدخول في النوم بمعدل 30 دقيقة.
المشي والركض… تأثير فعلي وإن كان أقل
رياضتا المشي والركض كان لهما دور في تقليل شدة الأرق بنحو 10 درجات حسب المقاييس النفسية المستخدمة، فيما حافظ العلاج السلوكي المعرفي على مكانته كخيار فعّال.
الجسم والعقل في تناغم
يرى الباحثون أن التمارين مثل “تاي تشي” واليوغا تُسهم في تهدئة الجهاز العصبي وتنظيم التنفس وتعزيز التركيز الجسدي والذهني، مما يقلّل من القلق ويُساعد على تحقيق استرخاء عميق. كما أن الرياضات الهوائية ترفع جودة النوم من خلال تحسين الحالة المزاجية وتنظيم إفرازات الهرمونات.