في تطور علمي مثير، كشفت دراسات حديثة عن إمكانيات علاجية مذهلة لنبات الزعتر البري (Thymus vulgaris) في مواجهة سرطان القولون، أحد أكثر أنواع السرطان انتشارًا عالميًا. هذا الاكتشاف يسلط الضوء على قدرة مركبات طبيعية مستخلصة من النبات على كبح نمو الخلايا السرطانية وتحفيز موتها المبرمج، مما يعزز الآمال في تطوير علاجات بديلة أكثر أمانًا من العلاج الكيميائي التقليدي.
المركبات الفعالة: الثيمول والكارفاكرول في دائرة الضوء
الزعتر البري، المعروف منذ القدم بفوائده الطبية، يحتوي على مركبات نشطة مثل الثيمول والكارفاكرول، وهما عنصران أظهرا فعالية ملحوظة في إضعاف الخلايا السرطانية. في دراسة منشورة بمجلة Journal of Medicinal Food، تم استخدام مستخلص مائي من الزعتر لمعالجة خلايا سرطان القولون من نوع HCT‑116، وأسفرت النتائج عن انخفاض كبير في معدلات النمو والانقسام، إلى جانب تعطيل قدرة الخلايا على الالتصاق والهجرة، وهي خصائص ترتبط بانتشار الورم.
آلية العمل: كيف يقاوم الزعتر السرطان؟
تأثير الزعتر المضاد للسرطان يُعزى إلى خصائصه المضادة للأكسدة، حيث تعمل مركباته على إحداث خلل في دورة حياة الخلية السرطانية، وتفعيل إنزيمات مثل caspase‑3/7 المسؤولة عن الموت الخلوي المبرمج. هذا التفاعل البيولوجي لا يوقف نمو الورم فحسب، بل يدفع الخلايا المصابة نحو الانتحار الذاتي، وهو ما يُعد من أهم مؤشرات فعالية العلاج.
نتائج واعدة من تجارب الزيت العطري
في دراسة منفصلة نُشرت في Cumhuriyet Medical Journal، أظهرت تجارب على خلايا DLD‑1 أن الزيت العطري المستخلص من الزعتر قلّص عدد الخلايا السرطانية بشكل ملحوظ، دون أن يؤثر على الخلايا السليمة مثل خلايا الجلد. هذا التمييز في التأثير يُعرف بالانتقائية الحيوية، ويُعد من أبرز مزايا العلاجات الطبيعية مقارنةً بالعقاقير الكيميائية.
الطريق نحو العلاج الطبيعي: تحديات وفرص
رغم أن النتائج المخبرية مشجعة، إلا أن تحويل الزعتر إلى علاج فعلي يتطلب خطوات علمية دقيقة، منها:
لماذا التركيز على سرطان القولون؟
سرطان القولون يُصنف ضمن أكثر السرطانات شيوعًا، وغالبًا ما يُكتشف في مراحل متأخرة، مما يصعّب علاجه. لذلك، فإن البحث عن حلول طبيعية داعمة للعلاج التقليدي يُعد ضرورة ملحة، خاصة لمن لديهم عوامل خطر وراثية أو يعانون من أمراض مزمنة في الجهاز الهضمي.
خلاصة: أمل جديد من قلب الطبيعة
الزعتر البري، الذي لطالما ارتبط بالطب الشعبي، يثبت اليوم أنه أكثر من مجرد نبتة عطرية. فنتائج الأبحاث تشير إلى إمكانية استخدامه كمصدر لعلاج تكميلي فعال ضد سرطان القولون، بشرط استكمال الدراسات السريرية وتطوير آليات تطبيقه. وبينما لا تزال الطريق طويلة، فإن هذا الاكتشاف يمثل خطوة أولى نحو مستقبل علاجي أكثر طبيعية وأمانًا.