في ليلة الأحد الماضية، شهد سكان الأرض عرضاً فلكياً نادراً حين اكتسى القمر المكتمل بحمرة ساحرة نتيجة خسوف كلي، فيما يُعرف علمياً وشعبياً بـ”القمر الدموي”. هذا التحول اللوني اللافت ليس مجرد مشهد بصري، بل هو نتاج تفاعل دقيق بين ضوء الشمس والغلاف الجوي للأرض، حيث يتشتت الضوء الأزرق وتبقى الأطوال الموجية الحمراء لتغمر سطح القمر بلونها الدافئ.
🔭 تفسير علمي لظاهرة اللون الأحمر
عندما يقع القمر في ظل الأرض الكامل أثناء الخسوف، تمر أشعة الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض، فتتشتت الأطوال الموجية القصيرة كالضوء الأزرق، بينما تنفذ الأطوال الموجية الأطول، كالضوء الأحمر، وتصل إلى سطح القمر، فتمنحه ذلك اللون المميز الذي يثير الفضول والدهشة.
🏛️ القمر في ذاكرة الحضارات
منذ آلاف السنين، ارتبط القمر المكتمل بالأساطير والطقوس الزراعية والدينية. فقد استخدمت الحضارات القديمة دوراته لقياس الزمن، كما يظهر في “عظم إيشانغو” المكتشف في الكونغو، والذي يُعتقد أنه يمثل أحد أقدم أشكال التقويم القمري.
ويُعرف القمر الأقرب للاعتدال الخريفي بـ”قمر الحصاد”، الذي كان يُعتمد عليه في مواصلة العمل ليلاً خلال موسم جني المحاصيل، قبل اختراع الإضاءة الحديثة.
🌍 احتفالات عالمية تحت ضوء القمر
لا يزال اكتمال القمر حتى يومنا هذا جزءاً من طقوس ومهرجانات كبرى حول العالم. ففي الصين يُحتفل بـ”مهرجان منتصف الخريف”، وفي كوريا بمهرجان “تشوسوك”، بينما تحتفل الهندوسية بأيام “بورنيما” التي تترافق مع الصيام والصلوات.
وفي سريلانكا، يُعد يوم اكتمال القمر عطلة رسمية تُعرف بـ”بويا”، أما في جزيرة بالي، فتُقام طقوس “بورناما” التي تشمل الصلاة وزراعة أشجار الفاكهة. حتى عيد الفصح المسيحي يرتبط بأول بدر بعد الاعتدال الربيعي، فيما تحيي مجتمعات أمريكا اللاتينية طقوساً تقليدية مثل رقصة القمر.
🌱 تأثيرات القمر على الحياة اليومية
لا يقتصر تأثير القمر على المظاهر الثقافية والدينية، بل يمتد إلى الزراعة والصحة. يعتقد كثير من المزارعين أن اكتمال القمر يعزز خصوبة التربة ويُعد توقيتاً مثالياً للزراعة.
أما من الناحية الصحية، فقد كشفت دراسات علمية عن انخفاض مستويات النوم العميق خلال فترات البدر، وتراجع في إفراز هرمون الميلاتونين. كما سجلت دراسة بريطانية زيادة في هجمات الحيوانات خلال هذه الفترات، ما يفتح باباً للتساؤل حول تأثير القمر على سلوك الكائنات الحية.

