في زوايا المصاعد الضيقة، حيث يلتقي الوقت بالقلق، تلعب المرآة دورًا يتجاوز حدود الزينة ويخترق عالم الصحة النفسية بهدوء وذكاء. فبينما يظن كثيرون أن وجود المرآة داخل المصعد مجرد إضافة جمالية، تكشف الدراسات والحقائق عن وظائف خفية تؤثر مباشرة في راحة الركاب وسلامتهم النفسية.
يعاني عدد كبير من الأفراد من رهاب الأماكن المغلقة (Claustrophobia)، والمصاعد الكهربائية تعتبر من أكثر البيئات التي تستثير هذا النوع من القلق. لذلك، جاءت فكرة تركيب المرايا داخل المصاعد كاستجابة مدروسة لهذه الحاجة النفسية. فبحسب ما نشره موقع “تايمز ناو”، فإن للمرآة قدرة على تهدئة التوتر وتحسين المزاج، خصوصًا للأشخاص الذين يشعرون بالانزعاج في الأماكن الضيقة.
أخصائيون في علم النفس يؤكدون أن الانعكاس البصري الذي توفره المرآة يعطي شعورًا زائفًا باتساع المساحة، ما يساعد الدماغ على الاسترخاء ويخفف من التوتر والضيق. كذلك، فإن النظر إلى انعكاس الذات أو مراقبة التفاصيل الصغيرة داخل المرآة، يشغل الذهن مؤقتًا، ويمنح تجربة ركوب المصعد طابعًا أقل توتّرًا وأكثر طمأنينة.
ولا تقتصر فوائد المرآة على الجانب النفسي، بل تمتد لتشمل السلامة والأمان، إذ تتيح للركاب رؤية من حولهم، ما يعزز الإحساس بالسيطرة ويقلل من احتمالات السرقات أو الحوادث غير المتوقعة. وهي أيضًا تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يمكنهم من خلالها توجيه الكرسي المتحرك وتحديد موقعهم داخل المصعد بسهولة.
وتوصي جمعيات هندسية مثل جمعية المصاعد اليابانية، بوجود المرايا في المصاعد ضمن إرشادات التصميم الآمن والشامل، تأكيدًا على دورها الفعّال في دعم الصحة النفسية.
إذًا، ليست مرآة المصعد مجرد تفصيلة زخرفية عابرة، بل عنصر ذكي يدمج بين الوظيفة والجمال، بين الدعم النفسي والسلامة، ليمنح الركّاب لحظة هدوء في عالم سريع ومزدحم.