في عالم تتشابك فيه السياسة بالاستخبارات، وتُخاض فيه الحروب بأدوات غير تقليدية، تبرز قصة الجاسوسة الإسرائيلية كاثرين بيرز شكدم كواحدة من أكثر العمليات الاستخباراتية جرأة في تاريخ الصراع بين إيران وإسرائيل.
ففي الوقت الذي كانت فيه الأنظار مشدودة إلى التصعيد العسكري بين تل أبيب وطهران، كانت شكدم تنفذ عملية اختراق ناعمة، لا تقل خطورة عن أي ضربة جوية. دخلت إيران بجواز سفر فرنسي، وقدّمت نفسها كباحثة مسلمة مهتمة بالمذهب الشيعي، متزوجة من يمني، لتبدأ رحلة تسللها إلى عمق المؤسسة الدينية والسياسية الإيرانية.
وفقًا لتقارير إعلامية، استخدمت شكدم أسلوب “زواج المتعة” كأداة للوصول إلى شخصيات نافذة، من رجال دين ونواب ومسؤولين مقربين من المرشد الأعلى. لم تكن مجرد علاقات عابرة، بل بوابات إلى أسرار دولة، سُرّبت دون أن تُطلق رصاصة واحدة.
الأخطر من ذلك، أن شكدم لم تكتف بالاختراق الاجتماعي، بل تسللت إلى مؤسسات إعلامية تابعة للحرس الثوري، مثل وكالة “تسنيم”، حيث كتبت مقالات مؤيدة للنظام، بينما كانت تجمع معلومات حساسة خلف الكواليس. أحد النواب، بحسب المصادر، أفشى لها تفاصيل جلسة برلمانية مغلقة، فقط لأنها كانت زوجته المؤقتة.
تشير تقديرات غربية إلى أن المعلومات التي جمعتها شكدم ساعدت في تنفيذ عمليات نوعية داخل إيران، وربما ساهمت في اغتيالات طالت شخصيات فلسطينية بارزة، مثل القيادي في حماس إسماعيل هنية، الذي قُتل في ظروف غامضة بطهران.
قصة شكدم ليست مجرد حادثة تجسس، بل صفعة استخباراتية كشفت هشاشة منظومة الأمن الإيرانية، وأكدت أن الحروب الحديثة تُخاض بالعقول قبل السلاح، وبالاختراقات النفسية والاجتماعية قبل العسكرية.